مدينة بويزكارن
تعد مدينة بويزكارن بوابة إقليم كلميم وثاني مركز حضري به، و قد تمت ترقيته إلى رتبة مدينة سنة 1971م، واضطلع بوظيفة مركز إداري لجماعة ودائرة في نفس الوقت1
1 - إشكالية التسمية:
لا يمكن الوقوف عند تسمية "بويزكارن" دون البحث عن معناها وأصلها فبويزكارن كلمة أمازيغية جاءت من كلمة"بو-إزكارن" هذه الكلمة المركبة من كلمتي "بو" التي تعني صاحب أو مكان ، "إزكارن" مفرده إيزيكر وتعني الحبل جمع حبال و أحبال ، ف"بويزكارن" تعنى صاحب الحبال أو مكان الحبال، ويترجمها الفقهاء في العقود والوثائق الخاصة ب"أبو الأحبال" أو "أبي الأحبال "أو ذي الحبال . أما عن أصل هذه التسمية فاختلفت الروايات عنه فمنها من يقول بأن البلدة كانت قديما مكانا لصناعة الحبال من ألياف النخيل ومنها من يقول أن هناك شخص يحمل نفس الاسم لكونه بائعا للحبال فسميت هذه البلدة باسمه ، لكن أغلب الروايات تربط أصل التسمية بحفر العين إذ استعمل الأهالي جميع ما توفر لديهم من حبال وجلبوا المزيد من المناطق المجاورة كما أن هناك روايات أخرى تربط أصل التسمية بكيفية تقسيم الأراضي على شكل "إزكارن مفردها يزيكر" أي الحبل لتقسيم الأراضي بين القبائل على قطع أرضية طولية فنجد "إزيكر إمغارن"، "إزيكر إنيرن" وغيرها ...
2- الإطار الجغرافي:
يقع سهل بويزكارن في الجنوب المغربي بين خطي طول 34, 9ْ و 45 ,9ْ غرب خط غرينتش ، وبين خطي عرض 14 ,9ْ2 و1 ,9ْ2, شمال خط الاستواء ،وهذا السهل يمتد على شكل مستطيل على السفح الجنوبي لهضبة لخصاص وكثلة كردوس، كما ينفتح شرقا وغربا عبر ممرات ضيقة على التوالي، على منخفضات إفران الأطلس الصغير شرقا وعلى منخفض تكانت غربا، ويحده من جهة الجنوب مرتفعات أو أعراف باني الملتوية. وتحيط بالمنطقة مرتفعات تتفاوت في العلو، وسفوحاته بين الانحدار ، وأعلى قممها جبل تشيشت الذي يبلغ ارتفاعه 1216م 2.وجبل تكدومين الذي يفصل بين تيمسورت وإماون، ويبلغ ارتفاعه 1211 م، ثم مرتفعات أكني إمغارن. وهناك أيضا جبل أكنبوش الذي يطل على دوار أوزكان... والملاحظ أن المرتفعات تشغل مساحة كبيرة ، إذ الأراضي الصالحة للزراعة لا تتعدى 8100 هكتار. أما مناخ المنطقة ، فهو عموما صحراوي بمعنى أنه حار وجاف صيفا، وبارد وممطر شتاءا وتعرف مدينة بويزكارن تأثيرات ضعيفة للمناخ المحيطي ، وسبب ذلك عدة عوامل نذكر منها الموقع في العروض الصحراوية بالإضافة إلى كون المنطقة محيطة بسلسلة من الجبال(الأطلس الصغير) شكلت حواجز تضاريسية تحول دون تسرب الكثل الهوائية المحيطية الرطبة.
وفي ما يخص التساقطات، فهي تتسم بالضعف وعدم الانتظام حيت تتلقى المنطقة كميات ضئيلة من الأمطار، أي لا يستغرق الموسم الممطر إلا بضعة أشهر ، أما معدل الأيام المطيرة فلا يتجاوز عشرين يوما ، لكن رغم كل ذلك ، نجد أن منخفض بويزكارن يتوفر على شبكة سطحية وجوفية مهمة تتجلى في وجود وديان رئيسية وموسمية في نفس الوقت نذكر منها : أسيف أوزكان، أسيف نتيمسورت... أما الثانية أي المياه الباطنية، فتتمثل في الآبار والعيون والخطارات مثال عين بويزكارن التي تعتبر أهم مزود لسكان المنطقة بالماء الصالح للشرب.
أما بالنسبة للغطاء النباتي فتتحكم فيه مجموعة من العوامل منها :الارتفاع ،المناخ، والتربة. لهذا نرى بأن العنصر النباتي الأكثر انتشارا هو شجرة الأركان، التي تغطي حوالي 2000هكتار، وتكسو المرتفعات التي تحيط بسهل بويزكارن ورغم المجهودات المتواصلة من طرف المصالح المختصة بالمحافظة على البيئة الطبيعية، فإن عدد الأشجار يتناقص باستمرار نظرا لإجتتاته من طرف السكان الذين يستغلونه كوقود أو كمجال لرعي الماشية، كما نجد نباتات أخرى من بينها نبات الشيح ونبات الرمت المعروف محليا باساي .
وفيما يتعلق باقتصاد المنطقة، نلاحظ أن الفلاحة ورغم الاعتماد الشبه كلي للسكان عليها، لا تؤدي إلا دورا ضئيلا في العيش. ومن بين العوامل التي تعرقل القطاع الفلاحي، نجد الظروف الطبيعية القاسية كالتضاريس، والمناخ مما أدى بالفلاحين إلى الارتكاز على الزراعة المعاشية، وهي عبارة عن أشجار الأركان واللوز والزيتون.
ويتم تبادل الإنتاج بين الفئات الاجتماعية على شكل تجارة منظمة في السوق الأسبوعي الذي يستقطب بعض التجار من مختلف النواحي.
من الناحية البشرية يقدر عدد سكان بويزكارن حسب إحصاء 2004 حوالي 11982 نسمة، بعد أن كان لا يتعدى سنة 1971 حوالي 2342 نسمة، وسنة 1982حوالي 5465 نسمة، أما سنة 1994 فقد ارتفع إلى 8638 نسمة. ويرجع هذا التزايد الديموغرافي إلى ارتفاع معدل التزايد الطبيعي ، والهجرات المتتالية إلى منطقة بيوزكارن وقد ساعدها موقعها في ملتقى الطرق بين الأقاليم الصحراوية والمناطق الداخلية، على توافد العديد من المهاجرين من مناطق مختلفة من المغرب وخاصة أسر الموظفين والجنود العاملين بالمدينة.
3_ الإطار التاريخي:
بويزكارن من أهم القصور التي تضمها قبيلة الأخصاص الشهيرة ، فتاريخ هذه الأخيرة لا يعرف له ذكر في المصادر و الوثائق المدونة التي أمكن الوقوف عليها ، سواء منها العامة أو الخاصة بسوس فيما عدا ابن خلدون الذي أشار إلى مجموعة معقلية عرفها باسم "لخص" الذي قد يكون له علاقة باسم الأخصاص ، اعتبارا لوحدة الوطن الجغرافي ولما يعتري أسماء المجموعات البشرية أو المواطن الجغرافية من تحول3.
قال الأستاذ الصديق ابن العربي في وصفه لبويزكارن : " قصر كبير وسط واحة كبرى من واحات النخيل على بعد 84 كلمتر جنوب تيزنيت تتفرع عنها عدة طرق تؤدي إلى مختلف المراكز الصحراوية."4
ازدهرت بويزكارن في عهد القائد المدني بن الطالب أحمد الأخصاصي المزداد 1290? ،والذي داع صيته الشيء الذي مكنه من توحيد قبيلة الأخصاص وبسط نفوذه على المناطق المجاورة ، وساعده في ذلك توطيد علاقاته مع الشيخ ماء العينين ومن بعده لبنيه الشيخ احمد الهيبة ومحمد المصطفى مربه ربه.
كما قام ببناء سور بلدته بويزكارن الضخم الذي تتخلله عدة أبواب وأبراج وجدد بناء مسجد البلدة وجعلها مدرسة لتعليم العلوم الشرعية وجعل بويزكارن قبلة للزوار وللقوافل في عهده ،
كما تزعم المقاومة بالجنوب إلى جانب الأسرة المعينية وبقية قادة الجنوب ، ولم تستسلم قبائل الجنوب للاستعمارين الفرنسي والاسباني حتى توفي هذا القائد البطل في يناير 1934
فزحفت الجيوش الفرنسية إلى المنطقة، وجعلت من بويزكارن مركزا إداريا للشؤون الأهلية يحكمه ضابط عسكري ، كما قام جيش التحرير بالجنوب، بجعل هذه المدينة قاعدة خلفية له ومركزا لقيادته خلال المعارك التي دارت بينه وبين الاستعمارين الفرنسي والاسباني.
_ احالات:
1- عثمان هناكا، معلمة المغرب ج 6، مادة بويزكارن ص 1899.
2- الخريطة الطبوغرافية لبويزكارن 100.000/1
3-المحمدي علي:معلمة المغرب "مادة الأخصاص تاريخيا " ج-1- ص200.
4- الصديق ابن العربي –كتاب المغرب ص 90 ، بيروت دار الغرب الإسلامي الطبعة الثالثة 1984
محمد ارجدال
الحوار المتمدن-العدد: 3917 - 2012 / 11 / 20 - 16:38
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات